الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وجعل ذلك إغاثة لاقترانه بذكر الاستغاثة.{بئس الشراب وساءت مرتفقًا} في المرتفق أربعة تأويلات:أحدها: معناه مجتمعًا، قاله مجاهد، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة.الثاني: منزلًا قاله الكلبي، مأخوذ من الارتفاق.الثالث: أنه من الرفق.الرابع: أنه من المتكأ مضاف إلى المرفق، ومنه قول أبي ذؤيب: اهـ.
ومنه قول سلامة بن جندل: الطويل: وقال الزجاج السرادق كل ما أحاط بشيء.قال القاضي أبو محمد: وهو عندي أخص مما قال الزجاج، واختلف في سرادق النار فقال ابن عباس {سرادقها} حائط من نار وقالت فرقة {سرادقها} دخان يحيط بالكفار، وقوله تعالى: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب} [المرسلات: 30] وقالت فرقة الإحاطة هي في الدنيا، والسرادق البحر، وروي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق يعلى بن أمية، فيجيء قوله تعالى: {أحاط بهم} أي بالبشر ذكر الطبري الحديث عن يعلى قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البحر هي جهنم» وتلا هذه الآية: ثم قال: «والله لا أدخله أبدًا أو ما دمت حيًا» وروي عنه أيضًا عليه السلام من طريق أبي سعيد الخدري أنه قال: «سرادق النار أربعة جدور، كتف عرض كل جدار مسيرة أربعين سنة»، وقوله عز وجل: {يغاثوا} أي يكون لهم مقام الغوث وهذا نحو قول الشاعر: الوافر: أي القائم مقام التحية والمهل قال أبو سعيد عن النبي عليه السلام هو دردي الزيت إذا انتهى حده، وقالت فرقة هو كل مائع سخن حتى انتهى حره، وقال ابن مسعود وغيره هو كل ما أذيب من ذهب أو فضة أو رصاص أو نحو هذا من الفلز حتى يميع، وروي أن عبد الله بن مسعود أهديت إليه سقاية من ذهب أو فضة فأمر بها فأذيبت حتى تميعت وتلونت ألوانًا ثم دعا من ببابه من أهل الكوفة، فقال ما رأيت في الدنيا شيئًا أدنى شبهًا بالمهل من هذا، يريد أدنى شبهًا بشراب أهل النار، وقالت فرقة المهل: الصديد والدم إذا اختلطا، ومنه قول أبي بكر الصديق في الكفن: «إنما هو للمهلة»، يريد لما يسيل من الميت في قبره، ويقوى هذا بقوله: {ويسقى من ماء صديد} [إبراهيم: 16] الآية. وقوله: {يشوي الوجوه} روي في معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تقرب الشربة من الكافر، فإذا دنت منه تكرهها، فإذا دنت أكثر شوت وجهه، وسقطت فيها فروة وجهه، وإذا شرب تقطعت أمعاؤه» والمرتفق، الشيء الذي يرتفق به أي يطلب رفقه، والمرتفق الذي هو المتكأ أخص من هذا الذي في الآية، لأنه في شيء واحد من معنى الرفق، على أن الطبري قد فسر الآية به، والأظهر عندي أن يكون المرتفق بمعنى الشيء الذي يطلب رفقه باتكاء وغيره، وقال مجاهد المرتفق المجتمع كأنه ذهب بها إلى موضع الرفاقة، ومنه الرفقة، وهذا كله راجع إلى الرفق، وأنكر الطبري أن يعرف لقول مجاهد معنى، والقول بين الوجه، والله المعين. اهـ.
وفي المراد بهذا السُّرادق قولان.أحدهما: أنه سُرادق من نار، قاله ابن عباس.روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لِسُرادِق النار أربعةُ جُدُرٍ كُثُفٌ، كلُّ جدار منها مسيرة أربعين سنة» وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس، قال: السرادق: لسان من النار، يخرج من النار فيحيط بهم حتى يفرغ من حسابهم.والثاني: أنه دخان يحيط بالكفار يوم القيامة، وهو الظِّل ذو ثلاث شعب الذي ذكره الله تعالى في [المرسلات: 30]، قاله ابن قتيبة.قوله تعالى: {وإِن يستغيثوا} أي: مما هم فيه من العذاب وشدة العطش {يُغاثوا بماءٍ كالمُهل} وفيه سبعة أقوال.أحدها: أنه ماءٌ غليظٌ كدُرْدِيِّ الزيت، رواه العوفي عن ابن عباس.والثاني: أنه كل شيء أذيب حتى انماع، قاله ابن مسعود.وقال أبو عبيدة، والزجّاج: كل شيء أذبته من نحاس أو رصاص أو نحو ذلك، فهول مُهل.والثالث: قيح ودم أسود كعكر الزيت، قاله مجاهد.والرابع: أنه الفضة والرصاص يذابان، روي عن مجاهد أيضًا.والخامس: أنه الذي انتهى حَرُّه، قاله سعيد بن جبير.والسادس: أنه الصَّديد، ذكره ابن الأنباري.قال مُغيث بن سُمي: هذا الماء هو ما يسيل من عَرَق أهل الموقف في الآخرة وبكائهم، وما يجري منهم من دم وقيح، يسيل ذلك إِلى وادٍ في جهنم، فتطبخه جهنم، فيكون أول ما يُغاث به أهل النار.والسابع: أنه الرماد الذي يُنفض عن الخُبزة إِذا خرجت من التَّنُّور، حكاه ابن الأنباري.قوله تعالى: {يشوي الوجوه} قال المفسرون: إِذا قرَّبه إِليه سقطت فروة وجهه فيه.ثم ذمَّه، فقال: {بئس الشراب وساءت} النار {مُرْتَفَقًا} وفيه خمسة أقوال.أحدها: منزلًا، قاله ابن عباس.والثاني: مجتمعًا، قاله مجاهد.والثالث: متَّكأً، قاله أبو عبيدة، وأنشد لأبي ذؤيب: وذبحه: انفجاره؛ قال الزجاج: {مرتفقًا} منصوب على التمييز؛ ومعنى مرتفقًا: متَّكأً على المِرفق.والرابع: ساءت مجلسًا؛ قاله ابن قتيبة.والخامس: ساءت مطلبًا للرفق، لأن من طلب رِفقًا من جهتها، عَدِمه، ذكره ابن الأنباري.ومعاني هذه الأقوال تتقارب.وأصل المِرفق في اللغة: ما يُرتَفق به. اهـ.
يقال: بيت مُسردَق.وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفِيَلة: وقال ابن الأعرابي: {سرادقها} سورها.وعن ابن عباس: حائط من نار.الكلبي: عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة.القتبيّ: السرادق الحجزة التي تكون حول الفسطاط.وقاله ابن عزيز.وقيل: هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة، وهو الذي ذكره الله تعالى في سورة والمرسلات حيث يقول: {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30] وقوله: {وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43] قاله قتادة.
|